لا شك أن الأمثال هي خلاصة تجارب الشعوب ، وقد وُضِعَت في قالب لفظٍ موجز ، كما أن الأمثال هي مرآة لثقافة الأمة ، واتجاهاتها الفكرية ، ونظرتها إلى الحياة ؛ ولذلك نجدها دائمًا غنية بالأفكار والحكمة ، ويقول عالم اللغة أبو هلال العسكري : (ما رأيت حاجة الشريف إلى شيء من أدب اللسان كحاجته إلى الشاهد والمثل) .
كرم الطائي :
انفرد النعمان يومًا عن أصحابه أثناء إحدى رحلات الصيد ، وأدركه الليل ، فذهب إلى بيتٍ رأه في طريقه ليظلّ به حتى الصباح ، فأكرمه الرجل صاحب المنزل ، وكان من أهل طيئ ، لم يكن يعلم الرجل عن هوية النعمان ليلًا ، ولكن عند الصباح أخبره النعمان بمن يكون ، وقال له أنه يومًا ما سوف يرد له صنيع الخير هذا معه .
يوم البؤس :
كان من العجيب أن يسمي إنسانًا أحد أيام حياته وسنين عمره باسم كيوم البؤس ، ولكن لا نستعجب إذا كان هذا الرجل هو النعمان بن المنذر ، ولا نتفاجأ أيضًا إذا علمنا أن ما من أحد يأتي إليه في هذا اليوم المشئوم إلا وقتله .
ولكن ما لم يحسب له النعمان حسابه أن الرجل الذي لجأ إليه يومًا ما ، هو من سيدفع ثمن عمله العجيب هذا ، فقد أقبل عليه الرجل في هذا لليوم ، يسأله المساعدة كما قدمها له يومًا ، فأصاب النعمان الحزن على ذلك الرجل الذي أكرمه ، حيث أنه كان يريد الإحسان إليه كما أحسن إليه الرجل ، ولكن بسبب يوم البؤس هذا اضطر إلى إصدار قرارًا بالقتل بشأن الرجل .
وللعجب لم يتراجع الرجل خوفًا من قرار النعمان ، ولكن ما فعله أنه أراد أن يأذن له النعمان أن يودع أهله قبل تنفيذ الحكم ، وعندها تكفَل به أحد الرجال الموجودون عند النعمان ؛ فأعطاه النعمان بعض الأوراق المالية وحدد له موعد العودة .
إن غدًا لناظره قريب ..
مضت الأيام ولم يتبقى على يوم تنفيذ الحكم إلا يومًا واحدًا ، وفي ذلك الوقت قام النعمان بالإرسال للرجل الذي تكفل بالطائي ؛ لأنه بذلك سوف يُقتل بدلًا منه لأنه لم يرجع لتنفيذ الحكم عليه فاستبطأ الكفيل تنفيذ الحكم قائلًا :
فإن يكُ صدرُ هذا اليومِ وَلَّى …. فإن غدًا لناظره قريب
خروجٌ للقتل وعودة الطائي :
وعند الصباح خرج النعمان مع رجاله مع نيةٍ مؤكدةٍ للقتل ، وقام بأمر رجاله بقتل الرجل الكفيل ، وعندما حان موعد القتل قَدِمَ وزراء النعمان إليه وأخبروه أنه لا يمكن له أن يقتله إلا عند انتهاء اليوم ؛ فتراجع عن قرار القتل .
وعند غروب الشمس رأى النعمان ورجاله رجل قادم في اتجاههم ، ولكن لم يتبينوا من هو ، عندها أمر النعمان بقتل القادم ، ولكن رجال النعمان المقرَّبين قالوا : أنه لا يمكن له قتل الرجل قبل التعرُّفَ على هويته ، وعندما اقترب الرجل تفاجأ النعمان بالطائي يعود لتنفيذ حكم القتل !!
إنه الوفاء ..
وعندما رآه النعمان حزن حزنًا شديدًا ، حتى أنه كان يريد قتل الرجل الذي تكفل بالطائي ؛ حتى ينجو ولا يُقتل ، فقال له: (ما الدافع وراء رجوعك أن فررت من القتل ؟ فقال له الرجل : إنه الوفاء .
تأثر النعمان بما قاله الرجل وبفعلته ؛ فقرر العفو عنه وعن الرجل الذي تكفّل به مسبقًا ، ولم يقتل أحدًا بعد ذلك اليوم ، وبذلك نتعلم قيمة الوفاء في حياتنا ومعاملاتنا حتى في أبسط حروفنا وكلماتنا .
قصص جديدة:
- قصة إلقاء سيدنا موسى عليه السلام في اليم
- قصة فيلم المبارزة الأخيرة The Last Duel
- قصة بوفيجليا "جزيرة الأشباح الإيطالية"
- قصة الإيثار في معركة اليرموك
- قصة ام مكافحة ذللت ما اعترضها من عقبات
- قصة ام مكافحة في سبيل تربية ابنائها بعد وفاة زوجها
- قصة الجندي الذي نجا من الحرب بفضل جرعة زائدة من المنشطات
- قصة أمثال عربية
- قصة نجاح ميلتون هيرشي ملك الشيكولاتة
- قصة الباب الأخضر