يشتهر العرب بالأمثال الشعبية ، ويشاع استخدامها كثيرًا في الأحاديث اليومية ، للتعبير عن شيء ما ، لكن الكثير منا لا يعلم أصل الأمثال الشعبية ومواقفها الحقيقة ، التي ذكرت فيها تلك العبارات ، حتى أصبحت أمثال شعبية مشهورة .
أصل مثل : عادت حليمة لعادتها القديمة
ويرجع سبب إطلاق هذا المثل إلى قصتين مختلفتين تماماً ، لكن لم يثبت صحة أي قصة منهم هي القصة الأرجح للحقيقة .
القصة الأولى :
حليمة هي سيدة اشتهرت ببخلها وقلة كرمها ، فكانت كلما تعد الطعام تعده يابسًا وصلبًا ، ولا تضع فيه سمنًا على الاطلاق ، فكان الطعام لا ينال إعجاب زوجها السيد ، حاتم الطائي ، وكان له طبيعة عكس طبيعة حليمة .
فعرف عن السيد حاتم الطائي ، بسخائه وترحيبه بالضيوف ، ولكن كان يخجل من دعوة أصدقائه ، لتناول الطعام معه لأن حليمة تقوم بإعداد الطعام بدون سمن ، وذات يوم تحدث حاتم الطائي مع زوجته حليمة ، وأخبرها أنه كلما تضع سمنًا في الطعام ، سيمنع ذلك نمو شيبة في شعرها ، فسعدت حليمة بهذه المعلومة .
فكانت كلما تعد الطعام تقوم بوضع السمن بداخله ، ولكن مرت الأيام وظهرت الشيبة في رأس حليمة ، فعلمت أن زوجها كان يخدعها ، فتوقفت عن وضع السمن في الطعام وعادت لعادتها القديمة ، وهى إعداد الطعام يابسًا دون سمن .
القصة الثانية :
اشتهر السيد حاتم الطائي بترحيبه للضيوف ، وكثرة العزائم ودعوة أهل البلدة لتناول الطعام بمنزله ، لكن كانت الضيوف تعلق تعليقات سلبية على الطعام ، لأنه قليل السمن أو يكاد يكون خالياً من السمن .
ففكر حاتم الطائي في فكرة ، يقنع بها زوجته حليمة في الإكثار من وضع السمن في الطعام ، حتى ينال إعجاب ضيوفه ، فأخبرها أنه كلما زادت من مقدار السمن في الطعام ، زاد الله عزوجل من عمرها ، ففرحت حليمة وكانت تضع السمن في الطعام بسخاء ، وكان ينال إعجاب ضيوف السيد حاتم .
ولكن في يوم من الأيام توفى ابنها الوحيد ، فحزنت حليمة وتمنت الموت ، فعادت لعدم وضع السمن في الطعام ، حتى لا يزيد الله عزوجل عمرها .
قصص جديدة:
- قصة إلقاء سيدنا موسى عليه السلام في اليم
- قصة فيلم المبارزة الأخيرة The Last Duel
- قصة بوفيجليا "جزيرة الأشباح الإيطالية"
- قصة الإيثار في معركة اليرموك
- قصة ام مكافحة ذللت ما اعترضها من عقبات
- قصة ام مكافحة في سبيل تربية ابنائها بعد وفاة زوجها
- قصة الجندي الذي نجا من الحرب بفضل جرعة زائدة من المنشطات
- قصة أمثال عربية
- قصة نجاح ميلتون هيرشي ملك الشيكولاتة
- قصة الباب الأخضر
على ذمة الراحل المبدع أيهم نور الدين :
رجعت حليمة لعادتها القديمة
على النت هذه الأيام قصة تنتشر كالنار في الهشيم عن حليمة زوج حاتم الطائي , فبعد فيلم عربي مأنتك عن ابن حليمة الذي مات , وعن الطبخة التي يزيد سمنها وينقص حسب التجليات والحالة النفسية للخانوم مما يجعل طبخها في القمة أحياناً وكأنها الشيف رمزي , أو في الحضيض لتتحول فجأة إلى جعيص الله يعزو .
طبعاً , في الحالين القصة غير صحيحة ومن وضع بعض العواطلية الذين يستمتعون بأخذ البشر إلى أنهر الفرات والنيل والغانج والمسيسيبي وإعادتهم أكثر عطشاً مما كانوا قبل الجولة البانورامية , خصوصاً وأن صيغة المثل الركيكة أبعد ما تكون عن جزالة وفصاحة ألفاظ العصر الجاهلي الذي لا تخفى أمثاله عن أحد و يمكن الرجوع لها في مجمع الأمثال للميداني أو مستطرف الأبشيهي وغيرهما من الأمهات .
ناهيكم على أنه لم يكن لحاتم الطائي حليلة ولا سبية اسمها حليمة قط , وقد تتبعنا زوجاته في الكتب الصفراء التي أكل عليها الدهر وشرب فتبين أن زوجات حاتم هن : ماوية بنت حجر الغسانية وقيل بنت عفرز الغسانية والعالية بنت سوّاس العنزية ( لعلها إحدى جدات المحسنة ذائعة الصيت سارية السواس ) , وزوجة ثالثة ذكرت في رواية آحاد انفرد بها الشنقيطي عن ابن الاسكافي وهي الشيماء بنت لقيط العُدَسية , وجدها أعز العرب في عصره ” زرارة بن عدس ” .
فمن هي حليمة هذه التي صرعوا سمانا وهلكونا بها إذن .
بالتأكيد هي ليست حليمة بولند , ولا حليمة حماتها لجارتي أم وليد الله يعزا , وليست أيضاً حليمة الشاهد التي كانت تبيع بزر شمس محمص عند نزلة البحر بجبلة البلد قبل نصف قرن مضى .
فمن تكون هذه الحليمة إذن ؟؟.
بعد إبحار لا بأس به في عالم الكتب التي أكل الدهر عليها وشرب , وجدنا في هامش كتاب ثمرات الأوراق لابن حجة الحموي شروحات وتعليقات الناسخ ومن ضمنها قصة مولاتنا حليمة هذه .
القصة ببساطة يا سادة يا كرام أن حليمة هذه هي حليمة الزنارية , بغيٌّ عاشت في قاهرة المعز إبان العصر الأيوبي , وكأن الجند والفلاحين وصغار الكسبة كانوا يأتونها للفاحشة , ثم تاب الله عليها فلبست الصوف ونتعت مسبحة أم تسعة وتسعين حبة من أجل الورد والأذكار بين قيام الليل ونوافل النهار بعد أن كسرت الطنبور والبربط وآلة النبيذ .
ويبدو أن توبة حليمة وتقاها لم يدوما طويلاً , ففي أحد أيام الربيع الجميلة تحرك عرق الدمن في تلك الخضراء فتجمرت وتعطرت وتبخرت ولبست أفخر ثيابها ثم أسفرت لتعود للجلوس إلى شلة جلد عميرة كما كانت تفعل أيام عزها , فقال الناس : يووووه , رجعت حليمه لعادتها القديمه .
فلا عاد حدا يقول عن ” مدام طائي ” كحته , كرمال الله .