قصة فيها زمان ومكان وشخصيات وأحداث

كان ياما كان ، في قديم الزمان ، كانت توجد شجرة كبيرة ، تحتوي على ثمار التفاح اللذيذة ، وكان هناك في نفس المكان طفل صغير ، اعتاد على أن يلعب في كل يوم ، حول تلك الشجرة المثمرة ، فكان يذهب إلى مكان الشجرة ، ويتسلق بدوره على كل غصن من أغصان الشجرة العملاقة ، وكثيرًا ما كان يأكل من ثمارها ، وبعد أن يأكل حتى يشبع ، كان يعتاد على أن يستظل بظلها ، ويغفو قليلًا .

كان ذلك الطفل شديد التعلق بتلك الشجرة ، وكان يحبها حبًا جمًا ، حتى أن تلك الشجرة الضخمة كانت متعلقة به أشد التعلق ، وكان تهوى كثيرًا أن تلعب مع ذلك الطفل الصغير ، ظل الصغير والشجرة على هذه الحال زمنًا ليس بقليل ، ومضت الأعوام ، عامًا تلو الآخر ، وكبر ذلك الطفل ، وأصبح شابًا يافعًا .

لكن الأمور تغيرت ، فأصبح ذلك الطفل الصغير قليلًا ما يذهب ليلعب حول تلك الشجرة الضخمة ، التي ازدادت في عمرها ، وكبرت هي الأخرى ، فما عاد الطفل يذهب إليها كل يوم ليلعب حولها ، ويستمتعان معًا ، وذات يوم ، عاد الشاب ، وقد تملكته مشاعر الحزن الشديد ، فلما رأته الشجرة كذلك ، اقترحت عليه أن يلعبا سويًا ، كما اعتادا من قبل .

ولكن حدثت المفاجأة ، فقد كان رد الشاب مؤلم كثيرًا للشجرة ، حيث أجابها قائلًا : ” كان ذلك سابقًا ، أما الآن ، فأنا لم أعد طفلًا صغيرًا ، حتى ألعب حولك ، فأنا أرغب في شراء ألعاب جديدة ، تتناسب مع سني ، كما أرغب في بعض المال ، حتى أتمكن من شراء ما أريد ” ، فأجابته الشجرة ، والحزن يتملكها : ” ليس معي مال ، ولكن دعني أخبرك شيئًا ، يمكنك أن تأخذ جميع التفاح الموجود ، ومن ثم تبيعه ، لكي تحصل على المال الذي تريده ” .

فرح الشاب كثيرًا لهذا الخبر ، ونهض على الفور ، وقام بتجميع جميع ثمرات التفاح الموجودة على الشجرة ، وغادر بسرعة ، ولكنه لم يعد إلى الشجرة بعدها ، فحزنت الشجرة حزنًا شديدًا ، وبدت عليها الكآبة والحسرة الشديدة ، وفي يوم من الأيام ، رجع الشاب ، ولكنه في تلك المرة ، كان رجلًا له شأنه ، فسرت به الشجرة كثيرًا ، وبدت عليها السعادة الغامرة لعودته ، وقالت له : ” تعال معي ، لنلعب سويًا ” .

رد الرجل بفتور رهيب : ” لا يمكنني ، فلا وقت لدي للعب معك ، فلقد أصبحت كما ترين ، رجلًا لدي مسئولياتي ، وأسرتي الصغيرة ، ولكننا بحاجة إلى بيت نسكن فيه ، فهل يمكنك أيتها الشجرة أن تساعديني ؟ ” ، قالت الشجرة : ” أعتذر منك ، فأنا لا بيت لدي ، ولكن يمكنك أخذ كل أغصاني ، وتبني بها البيت ” ، فهم الرجل على الفور ، وجمع الأغصان ، وذهب سعيدًا ، وسعدت الشرة كثيرًا ، لسعادته ، ولكنه أيضًا لم يعد إليها .

فعاشت الشجرة وحيدة ، والحزن يتملكها ، وذات يوم ، في فصل الصيف ، عاد الرجل ـ فسرت به الشجرة كثيرًا ، وطلبت منه أن يلعب معها ، فكان رده : ” لقد تقدم سني ، وأرغب في الإبحار ، لكي أرتاح ، فهل تستطيعين أن تمنحيني مركبًا أبحر به ؟ ” ، لم تترد الشجرة ، وقالت : ” فلتأخذ جذعي ، وابن مركبًا لك ” ، وعلى الفور ، قطع الجذع ، وصنع المركب ، وأبحر على الفور .

وبعد غياب دام طويلًا ، عاد الرجل ، وقبل أن يطلب أي شيء ، اعتذرت منه الشجرة ، فلم يعد لديها أي شيء على الإطلاق ، حتى التفاح لم يعد يطرح ، فقال لها : ” لا بأس ، فما عاد لدي أسنان ، أقضم بها التفاح ” ، فبكت الشجرة ، وقالت : ” ما عاد لدي سوى جذور متهالكة ” ، فقال الرجل : ” صدقيني ، أنا لا أرغب في أي شيء ، سوى أن أرتاح قليلًا ، وأجد مكانًا مناسبًا أشعر فيه بالراحة ، فقد تعبت كثيرًا ” .

قالت الشجرة وعيناها تملأها الدموع : ” بإمكانك أن تستريح تحت أغصاني ، فتعال ، واجلس معي ” ، فجلس الابن إليها ، ففرحت بشدة ، أتدرون من تكون هذه الشجرة ، الشجرة يا سادة هي الأم !!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *