دائمًا يقولون عنه عبقري ، ولكنه ما كان يعرف في الواقع ، إن كان بالفعل عبقري أم لا ، ولكنه آمن تمامًا بأه عبقري بعد قضاء ليلة مع قاتل مأجور في مكتبه .
القصة:
كان كل ما يعرفه عن نفسه أنه انسان مكافح ، فقد ولد يتيم الأب ، ووالدته توفيت بالسرطان وهو في السابعة من عمره ، فانتقل مجبرًا للعيش في بيت خالته ، وكانت الحياة في ذلك المنزل شنيعة ، حيث كان أولاد خالته يعاملونه بقسوة شديدة ، لا مبرر لها ، وكأنه مخلوق فضائي بشع .
ومع مرور الأيام أدرك أن صديقه الوحيد في هذا العالم ، سيكون علمه وشهادته الدراسية ، لذا فقد تحدى الصعاب ومر بأيام سيئة جدًا ، حتى حصل على بكالوريوس في الهندسة الكيميائية ، لتتيسر الأمور بعد ذلك لحد كبير وتستقر حياته ، مما ساعده بعد ذلك للحصول على درجة الماجستير ثم نال درجة الدكتوراه فى الهندسة الكيميائية.
ولأن طموحه كان لا حد له على الاطلاق ، فقد أصبح رجل أعمال مرموق وناجح الى درجة أثارت حسد الكثيرين ، حتى أصبح له بالتالى قاعدة لا بأس بها من الأعداء ، بسبب حصوله على معظم المناقصات .
وخاصة السيد (فواز) فهو رجل أعمال من أسرة ثرية جدا ومعروفه ، وقد كان منافسًا خاسر دائمًا ، وكم من المرات التي حاول بها (فواز) استخدم اسم عائلته ونفوذه الحصول على المناقصات ، لكن دائمًا كل المحاولات تبوء بالفشل ، كان الجميع يقول عليه أنه يمتلك عقلية نادرة ، ولكنه بدأ يؤمن بذلك بعد ما حدث في تلك الليلة بالذات .
الزائر:
في تلك الليلة زاره شخص أنيق جدا يرتدي بذلة رسمية سوداء اللون ، زاره لكي يقتله ، كان في تلك الليلة يعمل لوقت متأخر من الليل ، في مكتبه الذي يقع في مجمع الراية الشهير ، كان يراجع الأوراق والملفات الهامة .
وبالطبع كان كل من بالمكتب انصرف ، ولم ينتبه إلا عندما وجد شخص يفتح باب مكتبه دون استئذان ، وبهدوء تام ، كان شخص بالغ الاعتداد بنفسه ، يرتدي بذلة فاخرة جدًا ، ابتسم بهدوء دون أن ينطق بحرف ، وبالتالي بادله هو الآخر الابتسامة الهاديه ، ودخل الشخص وجلس على الكرسي ، ولم يقل شيء بل صب لنفسه كوب من الماء الذي كان أمامه على المكتب ، ثم أخرج ذلك الزائر من جيبه مسدسًا موجها فوهته الى وجهه .
مواجهه:
انتفض رجل الأعمال خوفًا وهلعًا أمام الزائر الليلي ، ملوحًا بيده الى الزائر ليتوقف ويبعد فوهة المسدس عن وجهه ، فابتسم الزائر ابتسامة خبيثة كلها كراهية وقال : مرحبا أنا هنا لقتلك ، أرسلني إليك السيد فواز لتصفية حسابه معك .
سأله برعب : ماذا تريد ولماذا تريد قتلي ، فرد عليه القاتل بحزم : لقد أخبرتك أنا هنا لقتلك ، لقد أرسلني السيد فواز لقتلك ، وقد قبضت مبلغا كبيرا جدا لقاء ذلك ، استجمع أفكاره وهو يتساءل بينه وبين نفسه مستعجبًا ، وجود قاتل مأجور في الكويت ، وبأفكار متزاحمة وعقل يعمل بسرعة أقصي من المعتاد ، ليجد مخرج من ذلك الموقف وينجو بحياته ، قال رجل الأعمال : أيا كان المبلغ الذى دفعه لك سأدفع أضعافه .
رد القاتل : أنا قاتل محترف ، أقبض ثمن مهمتي ولا أخالف كلمتي ، قال ذلك وهو يصوب المسدس ناحيته ، فقال له رجل الأعمال بزعر : انتظر قليلًا ، ورفع يديه لأعلى حتى يطمئن القاتل أنه لن يحاول الغدر ، ثم نهض من مكتبه في اتجاه القاتل ، وهو يقول له سيدي إن في هذه الخزينة ، قرابة المائة ألف دينار ، سأجعلك تأخذها كلها انتظر سأقوم بفتحها لك ، ولا تخشي شيء فأنا لم أملك أية أسلحة هنا .
نظر له القاتل نظرة متشفية ساخرة ، وكأنه اعتاد سماع تلك الكلمات ، من الأشخاص الذين قتلهم فى السابق ، ولكنه استمر في الذهاب إلى الخزينة وأخرج منها بالفعل ظرفًا كبيرًا ، به مبلغ المائة ألف دينار ، كان ينوي ايداعهم في البنك في اليوم التالي ، وضع المال على المكتب أمام القاتل ، وعاد إلى مقعده مرة أخرى .
الخدعه:
ولكن تلك المرة ابتسم هو في وجه القاتل ابتسامة ساخرة ، وواضح أن تلك الابتسامة أثارت القاتل ، فسأله لماذا تبتسم أيها الأحمق ، أكمل بنفس الابتسامة الساخرة وبمنتهى الشجاعة أنت الذي لابد أن يطلق عليك كلمة أحمق ، بل وغبي أيضا .
أتعلم أيها الأحمق ان كوب الماء الذي شربت منه أخذته ووضعته في الخزانة ، دون أن تدري ، أتتذكر كوب الماء الذى كان أمامك على المكتب ، وضعته مكان المال ، وعند قتلي سوف تأتى الشرطة وتفتح الخزانه وتجد الكوب وبالطبع سيثير فضولهم ، حيث بصماتك عليه أيها الأحمق ، هل ستقتلني الآن ؟
عبقرية وانتصار :
أصبح الزائر القاتل مثل فأر وقع فى المصيدة ، ولأول مرة خفض فوهة المسدس المصوبة ناحيته ، وقال له محاولًا اخفاء توتره الشديد : سأقتلك وسأفتح بعد ذلك الخزانة وآخذ الكوب ، ضحك بسخرية هذه المره بصوت أعلى وقال للقاتل بصوت ساخر ، أيها الأحمق أنت لم تلمس هنا غير الكوب .
وهذه الخزينة من طراز حديث فلو حاولت كسرها فهى مرتبطة بنظام أمني سيبلغ الشرطة بوجود سارق وسيأتوا لك فى غضون أقل من دقيقتين ، ولو قتلتني لن تحصل على الرقم السري لفتحها أيها الأحمق ، رد القاتل قائلًا بصوت متخاذل وحانق : أيها اللعين ، ماذا تريدني أن أفعل لكي أحصل على ذلك الكوب ؟
أغمض عينيه وأخذ نفسًا عميقًا وقال : أنا أستطيع تركك الآن ، وهذا الكوب سأحتفظ به لضمان عدم عودتك مرة أخرى ، ولكن السيد (فواز) لن يهدأ ، وسيبعث بآخر لقتلي ، إذا الحل أن تخلصنى من السيد (فواز )، وبذلك أكون ضمنت شعوري بالأمان ، انتفض القاتل وقال له : أنت شيطان لن أقابل أحد مثلك من قبلك أنت .
وقاطعه رجل الأعمال وقال له : باستطاعتك عدم تنفيذ الأمر ومن ثم تقتلني ، ووجود البصمات على الكوب ، سوف تثير حولك الشبهات بالفعل ، ستقع إن آجلًا أو عاجلًا ، أو أختار نجاتك ونجاتي وخلصنا من السيد فواز للأبد ، وأنا لن استطيع تقديمك للشرطة ، لأنك سوف تثير الشبهات حولي ، لأني أنا المنافس الوحيد له .
هز رأسه ثم نهض وخرج من المكتب ذليلًا منكسرًا ، وقد ذهب ليقوم بالمهمة التي أوكله بها ، يقولون أنه عبقري نعم ، لقد آمن تمامًا بذلك بعد تلك الزيارة ، فمن عاش نفس ظروفه ، لابد أن يكون عبقري ، فهو فى وسط غابه بها ذئاب مثل فواز والقاتل المـأجور ، هو عبقري لأنه مجبرًا أن يكون عبقري ليضمن حياته.
قصص جديدة:
- قصة إلقاء سيدنا موسى عليه السلام في اليم
- قصة فيلم المبارزة الأخيرة The Last Duel
- قصة بوفيجليا "جزيرة الأشباح الإيطالية"
- قصة الإيثار في معركة اليرموك
- قصة ام مكافحة ذللت ما اعترضها من عقبات
- قصة ام مكافحة في سبيل تربية ابنائها بعد وفاة زوجها
- قصة الجندي الذي نجا من الحرب بفضل جرعة زائدة من المنشطات
- قصة أمثال عربية
- قصة نجاح ميلتون هيرشي ملك الشيكولاتة
- قصة الباب الأخضر