في أحد القرى الفقيرة سكن رجل وزوجته وأطفاله ووالدته ، وكان له حانوت صغير يبيع في الخضر ، يسكنون جميعًا في منزل مكون من غرفة واحدة ينامون ويأكلون ويجلسون جميعهم فيها .
كان الرجل الفقير يعود يوميًا ببواقي الخضر التي لا تباع في الحانوت ، ولا يستطيع أن يحضر اللحم يوميًا لأسرته ، كانوا رغم فقرهم سعداء ، يضحكون طوال الوقت ، يطبخون ما يحضره الأب يوميًا حتى لو كان خبزًا و شاي فقط .
كانت حياتهم مستقرة رغم فقرهم ، لا ينقصهم أي شيء ، ولا يفرق معهم نقص المال أو اللحم ، يكتفون بما لديهم ويحمدون الله عليه ، في أحد الأيام أتت الشرطة إلى منزل الأسرة تخبرهم بأن الأب صدمته سيارة وقتلته في الحال ، جمع أهالي القرية الفقراء أيضًا بعض المال القليل من أجل الأسرة ، دفن الأب ودفنت سعادة الأسرة معه .
مر القليل من الأيام وانتهت الأموال التي جمعت للأسرة ، فأجبر الابن الأكبر على ترك دراسته من أجل العمل في حانوت والده ، كان الابن يعود يوميًا لأسرته بالطعام مثلما كان يفعل الوالد ، لكن الأسر كانت حزينة دائمًا .
بعد مرور عدة شهور طلب الابن الأكبر من أجل أداء الخدمة العسكرية ، صدمت الأسرة فها هو معيلها الثاني يذهب إلى الخدمة العسكرية ، فكرت الأسرة أن يترك الابن الثاني المدرسة أيضًا ، لكن الأم رفضت لأنه بعد عام واحد يستطيع أن يعمل كموظف حكومي .
فكرت الأم في حل أخر وهو بيع المنزل ، في نفس الوقت كان الابن الأكبر في الخدمة العسكرية يعاني كثيرًا ، فهو يفكر دائمًا في أسرته وأخوته ، كان يشعر بالحزن عليهم ، ويفكر فيما يفعلوه بدونه ، وكيف يدبرون أمورهم بدونه .
كان القائد كثيرًا ما يلفت نظره وينبهه ، ويعاقبه أيضًا ، وفي أحد الأيام قرر القائد أن يستدعيه ليعرف مشكلته بالفعل حكى له كل شيء ، شعر القائد بالحزن من أجله ، وقرر ألا يثقل عليه في التدريبات .
في نفس الوقت تم بيع المنزل بمبلغ 400 درهم ، وكان من المفترض أن تذهب الأم لدفع 100 درهم لابنها حتى يتم تسريحه من الجيش ، وإلا استمر عامان أخران في الجيش ، وكان متبقي على المهلة يومان فقط .
ذهبت الأم إلى موقف السيارات حتى تسافر ، لكنها وقفت أكثر من ساعتين تنتظر أن يأتي ركاب لتركب معهم ولم يأت أحد ، وبالتالي قررت أن تؤجر سيارة لها وحدها ، أثناء الطريق سألها السائق عن سبب رحلتها .
روت له الأم كل شيء ، ففكر السائق في خطة خبيثة ، وهي أن يستدرج الأم لمنطقة نائية ، وبعدها يسرق منها المال ، وبالفعل في منطقة خالية تمامًا من الناس وفتح باب السيارة ، وسحب الأم بقوة إلى الخارج ، وأخرج من جيبه سكين وضرب الأم بها ، فسقطت غارقة في الدماء ، وحينها سرق منها المال .
في اليوم التالي عاد السائق محملة سيارته بالركاب ، استأذن الركاب بحجة أنه يود أن يقضي حاجته حين شعر بالفضول ، فذهب إلى نفس المنطقة التي ترك فيها الأم ، وجدها تأن من الألم ، فقال لها يا ملعونة لم تموتي بعد !! أمسك حجرًا كبيرًا من على الأرض وكاد أن يضرب به رأس الأم .
لكن الحجر كان تحته ثعبان كبير فلدغ السائق على الفور ، فصرخ بصوت مرتفع فهرع إليه الركاب ، فوجدوه يتألم ووجدوا الأم تنزف وتنازع الموت ، نقلوا السائق والأم إلى السيارة واتجهوا إلى المدينة .
مات السائق من أثر السم في منتصف الطريق ، أما الأم فقد تمكنت من الوصول إلى المستشفى ، ولكنها فور أن وصلت سقطت من شدة الإعياء ، أفاقت الأم ووجدت الشركة تسألها عما حدث لها ، فروت لهم الحكاية من أولها ، فاستدعوا ابنها من الجيش الذي تمكن من سداد المبلغ بعد أن استعادوه من السائق السارق.
عرفت القصة في البلدة كلها ، وحين تعافت الأم عادت لتجد أن أهل المنطقة جمعوا لها سعر المنزل حتى تأخذه من جديد ، فرفض المالك الجديد وطلب منها الاحتفاظ بالمال وتنازل لها عن ملكية المنزل .
وضعت الأم الـ400 درهم على الثلاثمائة المتبقيين معها ، وقامت بتجديد المنزل وشراء بضائع من أجل الحانوت ، وبدأ أهل المنطقة والمناطق الأخرى يتوافدون على الحانوت يشترون منه من أجل مساعدة الأسرة .
في غضون شهور قليلة ازدهر العمل في الحانوت وتمكن الابن من شراء حانوت أكبر في منطقة أفضل ، ساعد أخوته على التعلم ، وأصبح الثاني مهندسًا والثالث طبيبًا والابن الأصغر ضابط بالجيش .
يقال أن الأسرة زاد غناها حتى اشترت منزلًا فخيمًا ، وعاش فيه الأبناء الذين تزوجوا وأنجبوا ، وكلما سأل أحدًا الأم عما حدث معهم تقول أنها عدالة السماء ، هي التي رتبت كل شيء على أفضل وجه ، وهي التي عوضتهم عن سنوات الفقر والشقاء والحزن .
قصص جديدة:
- قصة إلقاء سيدنا موسى عليه السلام في اليم
- قصة فيلم المبارزة الأخيرة The Last Duel
- قصة بوفيجليا "جزيرة الأشباح الإيطالية"
- قصة الإيثار في معركة اليرموك
- قصة ام مكافحة ذللت ما اعترضها من عقبات
- قصة ام مكافحة في سبيل تربية ابنائها بعد وفاة زوجها
- قصة الجندي الذي نجا من الحرب بفضل جرعة زائدة من المنشطات
- قصة أمثال عربية
- قصة نجاح ميلتون هيرشي ملك الشيكولاتة
- قصة الباب الأخضر