كان الأخوان يعيشان في بيت واحد وهما صغيران ، وقد تربيا تربية واحدة حتى كبرا وتزوج كل منهما ، فافترقا وعاش كل واحد في بيت مع زوجته وأولاده ، وكان الأكبر منهما غنيًا جدًا والأصغر فقيرًا جدًا ، وكان الأخ الغني يعيش في جزيرة صغيرة حولها ماء البحر من جميع الجهات ، لذا اتخذ من مهنة الاتجار بالملح مهنة له ، ومكث يبيع الملح سنوات حتى جمع قدرًا كبيرًا من المال ، ولكنه رغم ذلك كان بخيلًا جدًا .
وفي الوقت الذي كان فيه الأخ الأكبر يكنز الذهب والفضة ، كان الأخ الأصغر يشكو الجوع والفقر ، ولا يجد طعامًا يكفي زوجته وأولاده ، وذات يوم لم تجد زوجته أي طعام بالبيت لكي يقتاتوا به ، فطلبت منه الذهاب لأخيه وطلب المساعدة ، فلما لا يستلف منه بعض المال ويرده في وقت لاحق .
ولأن الصغير كان يعرف بمدى بخل أخيه رفض ذلك ولكن تحت إلحاح الزوجة وجوع الأطفال ذهب إلى أخيه البخيل ، فلما دخل عليه وجده يجلس في بيته ويضع أمامه منضدة عليها كل نقوده ، وكان يعد فيها ببطء شديد ، ولما رأى أخيه الفقير امتعض وعامله ببرود كبير ، فلم يقف ليرحب به أو يسأله عن حاله وحال أسرته ، فكل ما فعله أن وجه إليه سؤالا ليعرف سبب مجيئه ؟
فقال الأخ الفقير بنفس منكسرة وقلب مفطور : أنا أسف يا أخي ولكني جئت إليك أطلب المساعدة ، فمنزلي ليس به طعام ، وأبنائي وزوجتي جياع ، وكل ما أطلبه منك فقط ريال واحد أشتري به الطعام وسأرده إليك حين ميسرة ، ولكن الأخ البخيل رفض مساعدة أخيه واتهمه بالكسل ، وعدم الكد ولكن الأخ الأصغر أوضح له أنه يسعى كثيرًا ويحاول ولكن الله لم يوفقه بعد .
لم تستطيع كل عبارات الاحتياج أن تؤثر في قلب الأخ الأكبر ، فرفض مساعدة أخيه ورمى له برغيف واحد وطلب منه إلا يأتي إلى بيته مجددًا ، حزن الأخ الصغير من مقابلة أخيه السيئة واضطر أن يأخذ الرغيف وينصرف حتى لا تموت أسرته من الجوع ، وبينما هو عائد في الطريق وجد شيخًا عجوزًا استوقفه وقال له : إني جائع منذ يومين ولم أكل شيئًا رجاءً أعطني طعامًا .
قال الأخ الصغير : إن زوجتي وأبنائي جياع منذ فترة وأنا لا أملك إلا رغيف خبز واحد ، ولكني لا أستطيع أن أراك جائعَا هكذا وانصرف ، لذا سأقسم الخبز بيني وبينك ، أكل العجوز نصف الرغيف وحمد الله شاكرًا ، وبعدها قال للأخ الفقير سأدلك على شيء يغنيك فأنت رجل طيب القلب كريم الخلق تستحق أن تكون غنيًا لكي تساعد الفقراء .
فهناك في ذلك البيت القريب حوريات صغار ، أطرق الباب وبعد الاستئذان سيطلبون منك شراء ما معك من خبز ، لا تبعه لهم بأي مال ، ولكن اطلب الطاحونة القديمة مقابلًا ، وبالفعل دخل الأخ الفقير إلى بيت الحوريات الصغار ، وبعد أن سلموا عليه طلبوا ما معه من خبز بأي مقابل ، فرفض الذهب الفضة وطلب الطاحونة كما دله الرجل .
ولكن الحوريات رفضن في البداية ، ولما هم بالانصراف قالت الحورية الكبيرة نجن لسنا في حاجة للطاحونة فهي مركونة خلف الباب ، وأنت رجل طيب القلب يمكنك أخذها ولكن لا تعطيها لأحد يسيء استخدامها حتى لا تضره وتقضي عليه ، ولما خرج الرجل من البيت علمه العجوز كيف يستخدمها ، وما إن ذهب إلى بيته حتى أخبر زوجته بسر الطاحونة العجيبة .
وجرب كل منهما استخدامها فأخرجت كل ما تمنوا من طعام وشراب وملبس ووقود للتدفئة ، فرح الزوجان كثيرًا بذلك الكنز الذي أرسله الله لهما ، وبعد أصبح الأخ الصغير غنيًا جدًا مثل أخيه ولكنه على عكسه كان يساعد الفقراء والمحتاجين ولا يرد سائلًا يأتي لبابه ، لذا زاده الله غنى .
اندهش الأخ الغني حينما علم بالرزق الذي هبط على أخيه ، وقرر أن يعرف السر وراء ذلك ، فأرسل رجلًا من خدمه يتلصص على أخيه وظل طوال النهار يرقب المنزل ، حتى حل الليل فنظر من خلف النافذة ووجد الأسرة مجتمعة حول طاحونة يخرج منها أفضل الطعام والشراب ، فعاد إلى سيده مسرعًا وأخبره بما وجد .
قرر الأخ البخيل أن يأخذ الطاحونة لنفسه فاتجه إلى بيت أخيه ، وأخبره أنه علم بسر الطاحونة ويريد شراءها بأي ثمن ، ولكن الأخ الكريم رفض طلب أخيه ، لأن كان يعلم أن نواياه ليست جيدة ، وقد يضر نفسه باستخدام تلك الطاحونة العجيبة ، فانصرف الأخ البخيل وهو عازم على سرقة الطاحونة .
وفي اليوم التالي أخذه قاربه وتسلل إلى بيت أخيه في الليل ، وسرق الطاحونة وعاد بها إلى القارب متجهًا إلى منزله ، ولأنه كان جشع طماع لم يصبر حتى يصل إلى بيته واستخدم الطاحونة ، فقد كان يرغب في الملح الكثير لكي تزيد تجارته ويكثر ماله ، وبالفعل بدأت الطاحونة تنتج الملح وهي على متن القارب .
وبدأت كمية الملح تزداد بصورة كبيرة أثقلت القارب فأخذ يميل في البحر ، شعر الأخ البخيل بالخوف والقلق فأخذ يرمي الملح الزائد ولكن دون جدوى ، فقد كانت الطاحونة تنتج ضعف ما يرمي ، وما هي إلا لحظات فليلة وأغرق الملح القارب بالطاحونة والرجل ، فمات في أعماق البحر وظلت الطاحونة بالأسفل حتى يومنا هذا تنتج الملح ، ويقولون أن هذا هو السبب في جعل مياه البحر مالحة وليست عذبه ، فهل هذا بصحيح ؟
قصص جديدة:
- قصة إلقاء سيدنا موسى عليه السلام في اليم
- قصة فيلم المبارزة الأخيرة The Last Duel
- قصة بوفيجليا "جزيرة الأشباح الإيطالية"
- قصة الإيثار في معركة اليرموك
- قصة ام مكافحة ذللت ما اعترضها من عقبات
- قصة ام مكافحة في سبيل تربية ابنائها بعد وفاة زوجها
- قصة الجندي الذي نجا من الحرب بفضل جرعة زائدة من المنشطات
- قصة أمثال عربية
- قصة نجاح ميلتون هيرشي ملك الشيكولاتة
- قصة الباب الأخضر