يُحكى أنه في الزمن القديم ، كان هناك تاجر غني ، ولكنه رغم ذلك بخيل ، وكان يزداد بخلاً كلما جمع نقوداً أكثر ، ولم يكن يشغله في الحياة سوى كسب المزيد من قطع النقود الذهبية ، وجمعها صندوق كبير ، وفي مرة من المرات اشترى التاجر قطيعاً من النعاج وباعه بثمن كبير ، فعاد من السوق إلى بيته سعيداً ، ومحفظته محشوة بالنقود وكيف لا يفرح ، وهو يمتلك أربعمائة درهم ذهبية .
قال التاجر الجشع لنفسه : سأشتري نعاجًا مرة أخرى بهذه الأربعمائة درهم وسأبيعها بثمانمائة درهم ، وظل يمني نفسه بشراء النعاج وكثرة الربح ، وبينما هو مسترسل في أحلامه ، سقطت المحفظة سهوًا من جيبه على الأرض دون أن يلاحظ ذلك .
ولما وصل إلى بيته اكتشف ضياع حافظته المليئة بالنقود ، فجن جنونه وكاد أن يفقد عقله ، وظل الرجل يفكر فيما ألت إليه الأمور ، ويومها لم يستطيع النوم طوال الليل ، وفي الصباح توجه إلى حاكم المدينة والتمس منه المساعدة قائلًا : أيها الحاكم العظيم ، نصير التعساء وكل الناس الشرفاء ! أرجوك أنقذني من هذه المصيبة .
لقد ضاعت نقودي ، وضاعت معها تجارتي ، أرجوك أن تعلن في المملكة عن مكافأة كبيرة قدرها 40 درهم لكل من يجد محفظة نقود فيها أربعمائة درهم ، فأشفق الحاكم على حال التاجر وفي نفس اليوم أرسل منادي يعلن عن ضياع حافظة التاجر في الساحة الرئيسية للمدينة وعن المكافأة السخية التي قدرها لمن يجدها .
وبعد ثلاثة أيام جاء إلى الحاكم رجل فقير يبدو عليه أمارات الفاقة والفقر ، وسلمه حافظة النقود وبها أربعمائة درهم ، لم ينقص منهما درهمًا واحدًا ، فقال له الحاكم : أيها الرجل الأمين أنت تستحق هذه المكافأة لأنك لم تطمع بالمال رغم حاجتك ، وأمر الحاكم بإحضار التاجر على الفور .
وما إن رأى التاجر محفظة النقود حتى أمسك بها كما تمسك الأم وليدها ، وأفرغها من النقود على الطاولة ، وبدأ في عد القطع الذهبية ووجدها كاملة لم تنقص شيئًا وكانت أربعمائة درهم ذهب ، لكن التاجر الطماع لم يشأ أن يهب المكافأة للرجل الأمين .
فصاح التاجر المحتال قائلًا : يا رجل ! النقود ناقصة ! كنت قد وضعت بالمحفظة أربعين درهماً ذهبية بالإضافة إلى هذه الأربعمائة درهم ! فأجاب الرجل بهدوء الواثق : سيدي التاجر ، لو كنت أنوي على سرقة نقودك لأخذت المحفظة بكاملها وما جئت أسلمها إليك .
هنا أدرك الجميع أن الرجل هو الصادق ، والتاجر من يكذب ، لكن رغم ذلك استمر التاجر في الصياح وهو يسب الرجل كي يبدو كما لو أنه سرقه فعلًا ، ولكن الحاكم العاقل أدرك أن التاجر الطماع لا يود إعطاء الرجل المكافأة الموعودة ، فأمره قائلاً : اقترب مني وأعطني محفظة النقود فنفذ التاجر الأمر في الحال .
وسأله الحاكم إذا كان واثقا من أن المبلغ الذي كان بمحفظته ثمانون وليس أربعون درهم ؟ فرد التاجر بالإيجاب ، فقال الحاكم : لماذا إذن لم تقل لي عن هذا سابقاً ؟ إذن تلك المحفظة لا تخصك فبها أربعمائة فقط .
ثم رفع الحاكم صوته قائلاً : هذه الحافظة لا تخص التاجر ، وأنا أيضاً قد فقدت حافظة نقودي منذ أيام ، وكانت تحتوي على أربعمائة درهم فقط لا غير ، وهذا يعني أنها حافظتي ، ففغر التاجر فيه ولم يدري ماذا يقول ، فالتفت الحاكم إلى الرجل الذي جلب حافظة النقود .
وقال له : أيها الرجل الأمين هناك مقولة لدينا تقول بأن الذي يهدي غيره هو الإنسان الكريم وليس الغني ، ولأنك أتيت بحافظة النقود إلى هنا دون أن ينقص منها شيء ، فهي مكافأة لك على فعلك الطيب ، وأعطي للرجل المكافأة بما فيها ، أما التاجر الطّماع فرجع بخفي حنين جزاءً لطمعه ، وأصبح أضحوكة لكل سكان المدينة فترة طويلة .
قصص جديدة:
- قصة إلقاء سيدنا موسى عليه السلام في اليم
- قصة فيلم المبارزة الأخيرة The Last Duel
- قصة بوفيجليا "جزيرة الأشباح الإيطالية"
- قصة الإيثار في معركة اليرموك
- قصة ام مكافحة ذللت ما اعترضها من عقبات
- قصة ام مكافحة في سبيل تربية ابنائها بعد وفاة زوجها
- قصة الجندي الذي نجا من الحرب بفضل جرعة زائدة من المنشطات
- قصة أمثال عربية
- قصة نجاح ميلتون هيرشي ملك الشيكولاتة
- قصة الباب الأخضر